هل ثمة جمال فعلاً خارج عن حدود الدلالة المشيرة إليه والموحية به، وهل يمكن أن ننطلق من صيغة جمالية ما لتعميمها بحيث تصبح خارجة عن حدود دلالاتها الجمالية وتصير بحدّ ذاتها دلالة جمالية، كما قد تتحول صيغة قبيحة ما إلى دلالة قبحية بكل سهولة، كما حدث في مفهوم دلالة الغروتيسك الذي بدأ من الشكل الخزفي الغرائبي حتى أصبح رمزاً لكل ما هو مشوّه وقبيح داخلاً في البنية الدلالية للعديد من الفنون والآداب على يد كثير من الفنانين والكتاب من أمثال الفنانين جاك غالو وسلفادور دالي، والمسرحيين يوجين يونسكو وسمويل بيكيت. إحساسنا بالجمالي برغم ظهور فلسفة القبح ومحاولة التعايش بين القبح والجمال يظل له طبيعة مختلفة ومغايرة عن الإحساس بالقبح، ويظل دائماً إحساسنا بالجمالي هي الدائرة الأكبر التي تحدد مفهوم القبح، ويظل هو الدلالة الكبرى، لذلك فيصعب دائماً أن يتحول موضوع جمالي ما إلى دلالة قائمة بحدّ ذاتها، إلا أن يدخل ضمن مفهوم تأويلي محدود ومؤطّر، بينما من الممكن أن يصبح القبحي ذا دلالة فرعية تستقلّ تدريجاً وتتطوّر مفاهيمها الذاتية باستمرار كما حدث في مفهوم الغروتيسك. رغم كل هذا فإننا نظل مدينين لإحساسنا بالرغبة في تفسير القبح والغرابة وتحليلهما والبحث فيهما أكثر مما نحن مدينين لذلك الإحساس الداخلي غير المفسّر وغير المفهوم الذي يختصّ بالجمال، ذلك أن الجمالي الذي تصدر عنه المتعة المطلقة ليس إلا شعوراً محدوداً أو فضاءً خالياً تقريباً سوى من هذا الإحساس، بينما في القبح نحن نقف أمام رغبة في الفهم والتحليل والبحث أنتجت لنا العديد من أشكال التلقّي البناء والفاعل والمؤثر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق