الجنازة قلبي





الجنازةُ قلبي
وقلبُ الصبيّ



الذي عادَ من
قلقِ النحوِ
والعدِّ بالحَدْسِ، أو بالأصابعِ، من خوفِ تاريخِهِ،
ثِقَلِ (الشنطةِ) المدرسيةِ، من ثِقَلِ الارتباك الخفيّ،
من النومِ في الفصل والروحِ، من جرسِ الانصراف المباغتِ،
من قلقِ السبقِ للمقعدِ المتهالكِ في (الباصِ)
من ضيقِ بنطالِهِ..

ليفاجأ بالقدمينِ اللتين تدوسانِ ما سيصيرُ إليهِ
(الحجارةِ في جوربِ الشارعِ المسرعِ)
(المشمرِ) الأسودِ المتآكلِ من أسفلِ المرأةِ
المرأةُ الأمُ..
أمي
الوحيدةُ مثلُ (محرّمَ) في شهرِ أيلولَ، والمطمئنةُ من لهوِ غليونِها بالنساء
الحزينةُ في الركنِ، تلتفعُ الصرخةَ المتواريةَ


النادبةُ تسوقُ قطعانَ الهمسِ السوداءَ بلا عصا ولا مرعى، الممسكةُ بفنجانِ الشاي مرتعشاً في يد، وريشِ أمها الراحلة في الأخرى
العجوزُ اليتيمةُ أمي
العجوزُ دافئةُ الحضنِ والبكاء
واللهاثُ الصبيّ الذي يندّسُ في مشمرِها الأسود



أنا الجنازةُ
قلبي وأعرفهُ
والتراتيلُ قمصانُ آلهةٍ تتمزّقُ في هدأةِ الصلواتِ،
الصبيُّ يفتّشُ عن قلبِهِ ليعلّمَهُ الطيرانَ
إلى المروحيةِ في سقفِ مأتمهِ، ليعلمَهُ كيفَ يمسَحُ نعليهِ
بالبركاتِ، وكيفَ يرى وجههُ في الوجوهِ الحزينةِ من حولِه
والصبيُّ يُراقبُ في قلبِهِ
(حلماً يتحرّكُ) في شاشةِ التلفزيونِ
لعباً بأحجارِ ماضيهِ، عَدواً وراءَ الحمامةِ
في شَرَكٍ يتمثّلُ لونَ الفساتين،

والقهوةُ العربيةُ تشبهُ شرّطيّ سيرٍ ينظّمُ حزنَ المعزّين
(لو أن أميّ لأندّسَ في حضنها) لا يقولُ الصبيُّ
ولكنهُ .. هو
قلبي وأعرفهُ
♦♦♦

ليست هناك تعليقات: