هل الماء أنجز وعده؟





أدركتُ أن الماء
فاكهةٌ تفكّرُ في ضحاياها ..
وأني شهوةٌ للحزنِ
تخنقني , وتخفي جثتي في الوحل ..
جاءَ الأنبياءُ بكل حكمتهم
ونيرانُ الكلام الرخو
تدهنُ بطنَ أيديهم ,
وجئتُ
تنمُّ أطرافي بعوسجةِ الذهول
مشرّداً كالغيمِ
لو يصطادني هذا الذي
لو ينتهي الميزانُ ,
لو أندسُّ في /
لو يستحمُّ على ضفافِ
كآبتي ظبيٌ ,
قميءٌ مثل هذانِ الأنا
بذبابةِ الشعر الجريحةِ
مثل هذا النحب بالنخبِ
الذميم ,
أنا ونفسي ..
جئتها
سمراءُ
نهداها الصغيرانِ
اللذانِ يراقبان الله عن كثبٍ
تلفّتَ لي وقال " عن اليمينِ " :
أنا ابنها , بوّابُها السفلي ..
كانَ سريرهُ الرملي ينضحُ زمزماً
وأنا الذي أبتلُّ
يحني ظهرهُ
وأنا الذي أقعي
وينتفُ طاسةَ الرأس الصغيرةَ
بينما أعوي ..
..
وكنتُ
ملابسَ القتلى , وتاجَ المزهريةِ
كنتُ توراةً
تحرّفني القصيدةُ
أو تهرّفني ,
على صدغي نمت
أولى الدسائس ,
وانتهت عندي رسائل
طرفةَ ابن العبدِ ,
غطّت وجهها في الماء
ذابَ الماءُ في يدها
تجمّدَ حولها ثُمنُ الكلامِ
فهل ستحبلُ
بالصغيرِ .. ؟
وبالقدامى , يُشهرونَ
رخامَهم للقاتل المسدوحِ
في جسدِ القتيلِ ..
وترقص الأفعى
ونهداها ,
ومملكةٌ تبخّر قارئيها
بالسلامِ , ..
وأصدقاءٌ لم يغطّوا لحمهم
في قفّةِ الجنّ المقدّسةِ اللعوب
وأصدقاءٌ , يُضمرونَ
دفاتراً أخرى , وأبواباً مُمازحةً
ولا يأتونَ في لغةٍ ولا امرأةٍ
يقولُ : " عن الشمالِ "
افتح طريدتكَ الفقيرة لي ..
أنا / سهرُ اليتامى
من زجاجِ عيونِ أبناءِ السبيل
بنيتُ بيتي ,
كنتُ أربطُ شهوتي للقتلِ
في حجرٍ , وأعقدها بخاصرتي ..
ولي ليلٌ يداهُ تنفُّسُ الصعداء
صدري عشبةٌ للعابرينَ ,
ادنوا .. بربكتكم
إليّ لعلّني أهَبُ المدينةَ
للفراشةِ ..
أو أغيّر ُ صورةَ القمرِ
الممدّد في جبينِ أبي
حنيتُ الماءَ
يطفرُ بعضَهُ في وجهِ أغنيتي
وأطفرُ مثلهُ في وجهِ أغنيةِ السلاطينِ
البلادُ
كنايةٌ لم تسترِحْ أبداً إلى معنىً
ونهري لا يؤاخيني ,
ولا يندّسُ في خدٍّ أقبلهُ
البلادُ كتابةٌ بالريح في جرحٍ
يليهِ الماءُ من جهةِ الجهاتِ
افتح قليلاً ..
ربما يحتاجُ هذا الجرحُ
للمكشوف من موتِ الحياةِ
فيحتذي بالنازحينَ
التغمرُ الصحراءُ ساعتهم
فهلاّ قلتَ
ما أخفيتَهُ عني
كلانا يستريحُ الآن
أفرغ بعضكَ المنسيُّ
في أذني
كنِ الجمرَ العتيد
ينزُّ من خجلٍ بقايا حمرةِ الشهواتِ
أطلِق جنّكَ المجنونُ في أثري
تحوّل
كُن يسوعاً طيباً
ينسى قيامتهُ
ويكملُ نومَهُ في الحلم
مهلاً
قد أقولُ حكايتي الأخرى
وقد أضفي عليها بعض أخطاءٍ
مُكابِرةٍ , جديلةَ طفلةٍ تشتّمها شمسٌ
شيوخاً يقرأون النارَ بالمقلوبِ
ثم يتمتمونَ لبعضهم شيئاً من الأذكارِ
نحلاً طاعناً في رغبةِ المَنحِ ..
استبقني أيها الماءُ اللعوبُ
كفاكَ
ما أبطأتُ
لكن الهوى المثقوبُ أغرقني
وقد أبحرتُ في كفيه
يا سمراءُ , يا سمراءُ
كلّي نجمةُ الحبِّ النبي
وما معي في القلبِ إلا شهوةٌ مكسورةٌ
وعباءةُ حيكت بأضلاعٍ
يحرّكها شهيقُ البابِ
لا تَخِزي من الأحزانِ
إلا ظلمَةُ المفتاح
والصدرُ البتولِ
وقبّراتٍ يستترنَ بفاضحِ الكاساتِ
ماذا تخلعينَ الآنَ
غيرَ مقابرٍ مبتورةِ السيقان
أنجزتِ الذي في الصمتِ لم تعدي
فلا تَلِدي البلادَ
ولا تقولي خانني ماءٌ
ولا تبكي اثنتيكِ
مكبّلٌ بالناي
هذا القلب
أصبحَ غرفةَ
الإعدامِ , تطلعُ منهُ
عندَ الليل أجسادٌ بلا كتفينِ
آهاتٌ بدونِ فمٍ , يدٌ مغمورةٌ بالسُلّ
أقمارٌ مشعّثة الرؤوسِ
عواصمٌ مفقوءةٌ , وجبينُ حبلى يبقروهُ بصمتهم
هذي البلادُ إذا استعّدت للحريقِ
يخونها ماءٌ
فيفضحها ..
فهل أدركتِ أنّ الماءَ
فاكهةٌ تفكّرُ في ضحاياها
ولِم لمّا يجيء الماءُ
وهو يريدُ غسلي أنتهرهُ
أقولُ فلتغسل يديكَ عن الصبايا
الساهراتِ أمامَ مشنقةِ الكرومِ
ولا تنّجسني بهذا العار
..
هل أدركتِ أن الماءَ
هل أدركتِ
أم وحدي أنا أدركتُ أن الماءْ .

ليست هناك تعليقات: