بعد مجموعتيه «السكك» و«الأرخبيل»
مهدي سلمان: أقف كطفل في محطة قطارات!
مهدي سلمان: أقف كطفل في محطة قطارات!
الكويت: - خاص القبس
كتب مازن نجار
ولأن الطهر حينما يتلبسه لبوس الخجل المفرط يؤول بشكل لا إرادي إلى ما يشبه العهر... نستطيع أن نرى الجمال حينما يُظهِر مفاتنه بكامل العري متحولاً إلى كذب نبيل قد نسميه الشعر .. ذلك الكائن الذي يأتينا به شاعر شاب من البحرين اسمه مهدي سلمان.
يطل مهدي في كتاباته مهموما بالحزن ومنشغلا به ...خجولاً حتى في إلقاء قصائده .. ملتفتا إلى مواعيد قد انتهت صلاحياتها و منشغلا بها كي ينسى مواعيده الجديدة حتى يتقن الكذب الذي لا يستطيع إلا أن يكوون صادقاً في الإعراب عنه أمامنا ولا تجديه حيل البلاغة المجازية كي نصدق كذبه
شعره من ذلك النوع الذي لا تستطيع إلا أن تنظر له إلا نظرة كلية لأنه استطاع يكون عالمه الخاص به و مفاهيمه المفردة التي نجهد في البحث عن مفاتيحها لكننا نجدها في النهاية .. تجتمع في شعره صفات عديدة فهو نحت مضن من صخرة الجمال المجردة عن صفاتها الفيزيائية ..لكن هذا الرمل المنحوت يلونه بمحسوسات تتذوقها و تراها و تشمها حواسنا الخمسة مجتمعة.
وإذا كان شوقي ضيف قد قدم نظريته عن الشعر العربي وقسمه إلى مذاهب الصنعة و التصنيع و التصنع.. فربما يبدو مهدي منحازا حتى الآن إلى التصنيع فقط ليعيد إنتاج أحاسيسه مغطاة بلبوس جمالي مزركش كثيف يكاد يخفي حقيقته حزنه الأسود ..ليجيئنا بتلك الرسالة التي أراه فيها نبياً ولا شك عندي في إيماني بنبوته .. لكن للأسف فإن معجزة ذلك النبي الوحيدة لا تزال إلى الآن هي السحر.
صدرت له مجموعتان «السكك البصارة» و«هنا جمرة وطن أرخبيل».. على ضوئهما التقيناه في هذا الحوار الخاص لـ «القبس»:
• بعد مجموعتين و قصائد أخرى... هل استطاع ما رسمته وشكلته من عالم شعري أن يكون جسداً متكامل الملامح قابلاً للنبض والحياة و يمكن أن نتخذ موقفاً من محبته أو كراهيته؟
* المسألة تكمن أساساً في مدى الوعي، الكتابة كما أي فعل آخر يمارس بالإكتشاف، منذ القصائد الأولى التي كنت أكتبها في المراهقة كنت راضٍ بقدر ما عن تجربتي ولكن أحاول التطلع إلى آفاق أخرى، بالتأكيد الآن لو نظرت لتلك القصائد (مع أني ما زلت أحتفظ بها كلها، وأعود إليها بين الحين والآخر لأبحث عني) لو نظرت إليها لأدركت مدى (اكتشافاتي الآن وبعد المجموعتين بالتأكيد سأقول لك أنا راضٍ تماماً عن المجموعة ولكن لستُ راضٍ عني أنا، ربما لأني أجد أن المجموعتين هما نتاج مكتمل بينما انا كشاعر لستُ كذلك، فأنا ما زلت في إطار البحث والإكتشاف، وما زلت أحاول الذهاب إلى آفاق أخرى، بالرغم من أني حالياً أقفُ كطفلٍ في محطة قطارات!! إذ بعد المجموعتين، وكذلك ربما ما أسميه المجموعة الثالثة التي أعدها الآن، أنا أقف في مفترق طرق بالنسبة للشعر.
• لكن أغلب قصائدك تطيش بلا هدف سوى الانفلات الجمالي الشعري.... كيف تتدخل مسألة الوعي المسبق في الكتابة؟ وما دور عملية الاكتشاف اللاحق لها؟
* أعتقد أن مسألة (الهدف) هذه ليست صحيحة تماماً، بالرغم من أن نتاجي هو في الغالب يبحث في هذا الجانب الجمالي الشعري، إلا أنني إنسان أعيش هذه الحياة وأتفاعل معها، أؤثر وأتأثر بها ومنها، وهذا كله يجعل من الصعب الحكم بلا هدفية ما أكتب سوى الجمالي، الجمالي هو الغالب، ولكن لابد لدى البحث في الشعر أن نقترب من تلك المسافات المتروكة عبر اللا وعي للدخول في عوالم الشاعر الإنسانية لا الكتابية.
برأيي أن الكتابة هي أكثر العمليات الإنسانية تعقيداً،لذلك فإن ما أحاول كتابته هو نفسي من خلال الحياة ونفسي من خلال الكتابة، أي أن أجعل نفسي مختبراً في طريقين متعاكسين ، أحاول في شعري أن أذهب نحو الجمالي، لأني أريد أن أذهب أيضاً نحو هذا الجمالي في حياتي، ولكن في الحالين أقع أمام إشكالات وشراك عديدة، لابد عليّ من الذهاب فيها ومحاولة ترصّدها ومعرفتها.
العالم في صورة مغايرة
• إذن؛ ما الذي سببه ذلك البحث المضني عن الجمال الأسلوبي والفني في شعرك؟؟
* ربما أكون في الأساس أبحث في هذا العالم عن صورة مغايرة له في شعري، ربما اكون أساساً أسجن نفسي في الجمالي لأحمي نفسي من هذه الدهشة المتكررة، وهذا البحث المستمر عن الخلاص من قذارة هذا العالم، وربما بشكل آخر أكون جباناً لدرجة أن لا أستخدم طلقة خليل حاوي، ولكن أستخدم قلمه..
بلى أشعر أني لا أحتمل البقاء في هذا العالم الغريب والقاسي، ولذلك أدخل أكثر في الجمالي، بحثاً عن هذا الإطمئنان ربما المزيف لكي أحتمل البقاء فيه، ولكي أحتمل كل هذا القبح الذي يضجّ به.
• ما الذي أدى إلى توليد هذا العالم الضبابي المرتعش من الحزن الأصيل الذي اكتنف شعرك؟
* يبدو أنه ذلك الإنسان في داخلي ذوالطبيعة الخجولة بدرجة مملة هو الذي جعلني أشعر بهذه الغربة، بهذا الحزن، بهذه الضبابية، أنا لم أر الأشياء على حقيقتها دائماً، غالباً ما يجرّني هذا الإنسان الخجول إلى اصطناع صور عن الأشياء عن الأمور، صور ضبابية كما تذكر، أو شعرية كما أذهب، العالم بالنسبة لي منذ الصغر كان مكاناً ليس آمناً، حتى في قريتي الصغيرة، كانت علاقاتي محدودة، ارتباك غريب لدى الجلوس لآخر، تعرّق في الكفين، تأتأة أو صمت مريب، صوت مخنوق حتى في التلفظ بكلمة (السلام عليكم) .
ربما أيضاً أضاف لكل هذا ذلك الجو الجنائزي الذي عشته منذ الصغر في عاشوراء، أذكر النساء وهن يطبخن، أذكر المجلس الذي يضجّ ببكاء غريب لا أعرف أسبابه، بكائي أنا أيضاً في ذلك الجو، أذكر أيضاً بكاء الفقد في تلك القرية، لا أدري لماذا كان الموت قريباً جداً لنا في تلك الفترة، وربما أيضاً كان حاضراً بسطوة غريبة، المرض أيضاً كان حاضراً خصوصاً الأمراض النفسية.. كثيرون يحضروني الآن وأنا أتحدث معك.. جو مثل هذا مشحون بالحزن والموت والمرض والخوف، ربما يكون قد أوصلني إلى ما أنا عليه، وربما أيضاً قناعاتي التي تكونت عبر القراءات المبكرة للتعازي الحسينية وكتب الموت والخوف
أيضاً وهذا أتى لاحقاً وفي فترة المراهقة ايضاً ونتيجة لتراكمات تلك الشخصية التي وصفت، جاء الدور على شخصية الشاعر، وهي ليست شخصية الشاعر الذي ينظم وينشد فهي لم يعرف بها أبناء قريتي أبداً، وأقول أنني كنت أخفيها إلى منتصف العشرينات من عمري، بل شخصية الشاعر الذي يحدّث نفسه أحياناً، أو الذي يصمت كثيراً، أو الذي يرتبك من أدنى محادثة -خصوصاً مع امرأة- كل هذا وما أحدثته هذه الشخصية من نظرة لي بكوني مختلفا في هذه القرية، أحدث في انعزالاً أكثر، وخوفاً أكثر، وربما ما بدأ في تفكيك هذا الخوف والإنعزال كان المسرح الذي حين بدأت في ممارسته بدأت في محاولة التغلّب على تلك الشخصية التي ربما كانت ستكون: أنا...
محرم ومسموح
• تلك الأجواء السابقة التي ولدتك شاعراً...إما أن تؤدي بك إلى الارتداد إلى داخلك مصاباً بحساسية الخجل المفرط..أو أن تتحول إلى إنسان بوهيمي ثائر لا يكتال بكيل أحد.. ألم تكن تريد أن تكون من النمط الثاني بعيدا عن خيارك الأول الذي اختارك؟
* ربما ثمة أوقات أتمنى فيها أني تحوّلت إلى النمط الثاني، ولكن في الغالب لم أكن لأستطيع أن أكون كذلك، لم أكن لأستطيع أن أتعايش مع البوهيمي والثائر، بالرغم من كل سلبيات هذا الأنا الذي أعيشه، إلا أنني أشعر أني أكثر قرباً منه من شخصية ثائرة ورافضة ولا أبالية.
ربما لأن الشخصية الثائرة والبوهيمية التي ربما كنت سأتحوّل لها كانت ستكون قاسية، وحادة، وجارحة.. لا .. لا أظن أني أستطيع أن أعيش هكذا.
• ربما أدى ما سبق ــ من تربية مثالية ، وإنطواء على نفسك الخجولة ، أن يصف شاعر عراقي (سعد الياسري) قصيدتك بالقصيدة النظيفة.. المنشغلة بجمالها الفني الجامح.. وأسأل هنا ما هي المحرمات التي لا يمكن لهذه القصيدة أن تكتبها؟
* ربما من الأجدى أن نتساءل ما هو المسموح لنا أن نكتبه، وليس المحرم، هناك أمور خارجية تتعلق بالدين أو السياسية أو العادات، لكن الأخطر هو أن الأمر لم يعد كما كان سابقاً شاعر ورقيب يحاول السيطرة عليه، بل بات الأمر أن الشاعر تشوّه فعلاً إلى درجة أن ليس من رقابة يمكنها أن تفهم ما يقوله، لتمنعه أو لا تمنعه، أصبح المنع من داخل الشاعر، بخوفه من كل شيء.
لم يعد الشاعر يدري حقاً ما يريد وما لا يريد، إنه يلهث ويكتب، ويلهث ويؤمن، ويلهث ويحب، ويلهث ويكفر، ولكنه لا يفعل كل هذه الأشياء إلا من خلال الخوف، حتى الموضوع أو اللا موضوع الذي تتحدث عنه، لم يعد مهماً بالنسبة للشاعر، إنه الآن لا يكتب بالرمز لأنه يخاف سلطة سياسية أو دينية مثلاً ، ولا يغرق في الإبهام لأنه يحاول أن يلفت نظر العالم من حوله ولا حتى يكتب بالشكل الكلاسيكي لأنه يؤمن به، ولا يكتب القصيدة السياسية أيضاً لأنه يؤمن بقضية ما، يخاف من أن نكتب قصيدة مفهومة فيتهم بالتخلف، ويخاف أن نكتب قصيدة مبهمة فيتهم بالنخبوية
نحن لا نكتب من خلال ما نؤمن به حقاً، بل في أكثر الحالات نكتب كأبواق لآخرين، لأننا نمارس الخوف في الكتابة بأنواع كثيرة من بينها الهجوم على الأشكال الأخرى وحالة التمويت الثقافي والإنساني الذي يحدث أمامنا كل يوم.
لا شيء يحرّم على الشاعر أن يكتب فيه إن شاء أن يكتب، ولكننا نتحدث عن شاعر مكسور، يحرّم على نفسه كل شيء لأنه يخاف من كل شيء، إذ لم يعد لدينا أيضاً أي جدار لنمشي في ظله سوى الخوف، الخوف وحسب.
(سؤال حذف من النشر)*
• بالعودة لما أجبت به.... أعود لأسألك أنت بالذات حتى تجيب بالنيابة عنا، لماذا وكيف تقول ما قلته عن الخوف يا مهدي ؟؟
* فلأتحدث بشكل أخصّ إذاً.. عني أنا بالتحديد، عن خوفي بالتحديد لأخرج من خلاله على خوفنا جميعاً، بالنسبة لي لا أستطيع الآن أن أحدّد علاقتي مع كل ما يمكن أن يكون محرّماً، مع الله مثلاً، لم أعد أشعر أني أحب الله ولكني أخافه، ولم أعد أؤمن به ولكني أخافه، أخافه لأني لا أراه ثابتاً أمامي كما كان في السابق، الله هنا بالنسبة لي يندرج ايضاً على أية قيمة اخرى وأي إله أو معتقد آخر لدى سواي، منذ البداية تعوّدت على أن الله هو القيمة العليا، ولكن ها هو يتزعزع ثباته الذي كان لديّ في بداية حياتي، لم أعد أستطيع أن أمسك به كما يمسك أي عبد بإلهه، ولكني أخافه فقط، هل تعرف كيف يمكن أن تخاف مما أنت تشكّ فيه.
الأمر هذا ينطبق أيضاً على الحب في مجتمع محاصر بالخوف، لم يعد ثمة قيمة للحب، لأن من يحب يفعل ذلك لا إيماناً منه بقيمة الحب نفسه بقدر ما هو يفعل ذلك ليواجه خوفه من الحب، بالنسبة لي لم يعد الحب ثابتاً بشكل أستطيع أن أتكئ عليه، فهو ليس سوى حلم محاط ومسوّر بالخوف.
الشعر بشكل خاص وبالنسبة لي واجه هذه الحقيقة، حقيقة هذا اللا ثبات أمامي، واختار أن يكون هو أيضاً لا ثابتاً، اختار أن يغدو كما كل شيء من حولنا محاطا بالخوف، مهلوسا، مرتبكا.. ولا يفضي إلى شيء.
• أولا تخاف من جوابك السابق عن الله وعن الحب ؟؟
* أخاف.. بكل تأكيد..
• امتلأت قصائدك على النقيض من عالمك الحزين الضبابي بالمفردات الحسية الكثيرة والمتنوعة من الطبيعة بشكل لافت وامتلأت بالمشهدية والحوارية.. كيف يحضر كل هذا الاحتشاد المختلف معا؟.. وكيف يُفسر ذلك؟
* أظن أنه حتى الحسّي الذي تصفه أو المشهدية الحوارية والجمالية نفسها التي تغلف كل هذا، هي جمالية زائفة لأنها تشبه الحلم الجميل الذي تكون متأكداً أنه سينقلب إلى كابوس، كل القصائد الذي فيها كل هذه الجمالية والبحث عن الحسي والبحث عن الألق والبحث عن الإحتفاء بالمشهدي والمدهش فلنقل، كلها تفضي تماماً إلى ذلك الإنكسار الحزين والضبابي، لأنها تكشف نفسها بنفسها، حين تسقط على أرضية هذا العالم، ولأنها مجتزأة دائماً وغير مكتملة وغير ناضجة وغير واضحة وغير مفهومة وغير ذات جدوى فهي ليست إذاً واقعية وليست إذاً حقيقة، وليست إذاً سوى أوهام ومخاوف.. تحاول أن تبدو بغير صورتها، ربما تتشوّه أحياناً، وربما في أحيان اخرى تعطي صورتها الحقيقية التي هي مشوهة أساساً.
• هل كل المحاولات السابقة التي تحدثت عنها هي مجرد تمارين زائفة لكي يصبح قلبك الرهيف ماكراً.. خصوصاً حينما قلت في إحدى قصائدك «أمرّن بالمكر قلبي».. كيف تبرر هذا المكر و توصفه؟
* أبداً ليس الأمر كذلك، بالرغم من كل شيء، كل هذه المحاولات السابقة هي لجعل قلبي أشدّ رقة وأشدّ رهافة، ولكن بالتأكيد لا يمكن له ذلك، إنه في حالة مستمرة من الصدمة تجاه ما يدور حوله، ولا يمكنه أن يكون رهيفاً، عليه أن يتعلم كيف يكون ماكراً، إنه وأنا أشفق عليه حقاً يقع بين أنا (مثالي) يحاول جرّه إلى الشعر، وبين (أنا) إنسان يحاول أن يعلمه كيف يحيا حياة الإنسان، بما فيها من مكر ومن خديعة ومن حيلة، وهو في الحالين يعذّب لأنه سيندم هنا وهناك.
المكر أو محاولة تعليم القلب على المكر في القصيدة ليس بالسوء الذي أواجهه لدى تعليمه على المكر في الحياة، القصيدة تذهب نحو الجمالي في المعنى، وما يحصل حقيقة هو أكثر وأخطر من ذلك بكثير، إنه تناقض حقيقي يأتي تماماً من خوفنا الدائم من هذه المحرمات التي تحدثنا عنها
لا أشبه أحدا
• يشبهك جميع من سبقوك رغم أنك لم تحاول أن تشبه إلا نفسك... هذا الشحن المسبق كيف يؤثر في خطاك؟؟؟؟
* أعتقد أني لا أشبه أحداً لأني لستُ متأكداً تماماً من أني (أحد)، في إحدى القصائد أذكر هذا تماما (أكتبوا فوق هذا الجسد.. حين تأخذه الشمس في حضنها (لا أحد))، ربما لا أشبههم لأنهم يعرفون تماماً من هم، وأنا لم أعرف من أنا بعد، لستُ قادراً على تحديد هوية أستريح إليها، لا في الشكل الشعري ولا في المضمون الشعري ولا حتى في الكيان الإنساني بما يحمله من فكر وإيمان واعتقاد وممارسة
هذا الشحن المسبق ربما جعلني أبدو هكذا حين أضيفَ عليّ، أنا باختصار مجموعة غير متناسقة من الكيانات.. سواء الشعرية أو غيرها.
ربما أكون هذا أنا بالتحديد، ولكن هذا لا يريحني، ولا يريحني أن أكون مميزاً وأنا موزّعا بهذا الشكل
• باعتبار كونك مجموعة من الكيانات هل عثرت على صوتك الشعري الخاص أم لم تجده بعد؟
* ليست القضية بالنسبة لي في أن أعثر على صوتي الخاص أم لا، بالرغم من أهميتها فإن مثل هذه المسألة تتضاءل أمام محاولة العثور على الذات نفسها. وأنا للآن لم أعثر لا على ذاتي ولا على صوتي الشعري.
• هل تؤمن بقانونية الصيرورة الشعرية من عصر إلى آخر أم انك مع وحدانيتها كروح بعيدا عن الأشكال ؟؟؟؟
* أعتقد أن الشعرية في حدّ ذاتها لا تتجزأ، ولكنها تتبلور ربما من عصر لآخر، يعاد مع كل رؤية شعرية جديدة ومهمة صقلها لكي تتوضّح وتتبدّى، ولكنها في الأصل واحدة، وهذا ما يجعلنا الآن نعيد فهم بعض النصوص النثرية التي كتبت بروح الشعر في عصر لم يكن فيه النثر قابلاً لأن يكون شعرا
• إذا كنت لم تعثر عليك بعد و بالنظر إلى أن مجموعتك الثانية لم تختلف عن الأولى في أسلوبية التعاطي الشعري مع الموضوعات المطروقة .. ... هل هذا إكتنان لكينونتك التي وصلت لها.. أم أنه غير ذلك؟؟
* لا أعتقد أن المجموعة الثانية (السكك البصارة) وهي الأولى في زمن الكتابة، تقترب من المجموعة الأولى (ها هنا جمرة، وطن، أرخبيل) وهي الثانية في زمن الكتابة، من ناحية الذات، وربما أيضاً في شكل الكتابة، إنها تتماسان لأنهما تصدران عن (أنا) واحدة، ولكنهما مختلفتان كثيراً برأيي، في السكك البصارة كنت أكثر ثقة مما أقول، وفي (الأرخبيل) فقدت نفسي أكثر، غرقتُ أكثر في ضياعي وفي تخبّطي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق