يشبهونني



ملأى هذه الحياة بما يشبهني، وجوه، تفاصيل، خطوط، صرخات. لا أرفعُ رأسي إلى أعلى لئلا أبصرهم.. يشبهوني تماماً.. يفزعني هذا الشبه. أمشي على أطراف الشهقة، وأدخلُ في حذائي الجلدي، يقتربون مني، أحكّ الثواني، وأخمشُها بوجلي، لا أريدهم، يقتربون.

أشمُّ أنفاسهم.. كمدينةٍ من دخانٍ غيرِ مرئيّ، الرجال مثلاً.. يشبهونني ويخرجون رؤوسهم من صدورهم، تلك التي مسطحة وملساء مثل قشرة الكذب. القطط أيضاً.. تشبهني وتتبوّل في سراويلها كلما سمعت قبلة غيمتين من فوق، يحركّها الخوف كما يحرّكني، وأظن أن عليّ أن أقول يُسكنها الخوف كما يُسكنني.

شعري يقفُ ككتيبة استطلاع. وهم يقتربون أكثر، أقشعرّ، وأحاول أن لا أشبه القطط، ولكني أفعل. السيارات أيضاً تشبهني، لون أو لونين لا أكثر، وعزلة تامة، وحين تلمس سيارة أخرى ليس سوى بدافع التعارف، يحدث اصطدام.. أتعثر ولا أسقط، ويشبهنني النساء أيضاً.. لأنهنّ ملفوفات بعباءات تخفي أجساداً مقضومة كشطيرة على رصيف منسيّ، وأنا أيضاً ثمة من لفّني بعباءة من خجل بعد أن قضمَ الكثير مني.. أتعرّق.. مسرعاً نحو الذي في الغياب، ورأسي المنكس مثل موجة مكسورة.. يهتزّ ببطء..

وكذلك الأحجار تشبهني.. الأحجار وأنا.. لا وجه لنا ..

الآن لا أستطيع النظر إلى أسفل.. أرجو أن الظلام القادم حين أغمض عيني ، حين .. اشقه وأدخل فيه.. أرجو أن لا يشبهني.

ليست هناك تعليقات: