الحلم







فكرة: حسين العصفور
تأليف: مهدي سلمان


"غرفة قديمة فيها سريرين بجانب بعضهما، ينام على أحدهما "الرجل الأول"، فيما يجلس "الرجل الثاني" على السرير الآخر"

الثاني:    "بصوت مرتفع" أنا جائع.. لا أستطيع النوم.. هيه إنهض، أنا جائع..
الأول:    "ما يزال نائماً" كليني يا حبيبتي.. تستطيعين أن تأكليني تماماً، لن أمانع بالمرة
الثاني:    هيه أنت.. إنهض، لا أستطيع أكل شيء مثلك، أريد أن آكل
الأول:    "ما يزال نائماً" أوه يا حبيبتي، بالرغم من أني أحب الفتاة الممتلئة، لكن يجب عليكِ أن تفكري في تخفيف وزنك..
الثاني:    "ينهض من على السرير، ويبحث في خزانة على الجانب، وفي أرجاء الغرفة" لا يوجد شيء.. لماذا لا يوجد شيء يمكن أن يؤكل في هذه الغرفة اللعينة..
الأول:    "يرتفع شخيره"
الثاني:    أيها المزعج.. شخيرك يزعجني، أحلامك البلهاء تزعجني، كما أنني جائع، وأنا لا أستطيع النوم وأنا جائع، ولا شيء في هذه الغرفة..
الأول:    "يواصل شخيره" حسناً.. حسناً.. لا تغضبي مني، دعيني أقبلكِ
الثاني:    لابد أنها امرأة قبيحة، تلك التي تسمح لمثلك بتقبيلها..
الأول:    "يتقلب على السرير" تعلمين أني أحبكِ، لذلك أنت تتدللين عليّ هكذا
الثاني:    لا أستطيع الخروج الآن.. ماذا أستطيع أن أفعل، هيه.. تحرّك من هذا السرير، انهض وابحث لنا عن شيء نأكله..
الأول:    أوووه.. لا يمكن أبداً يا حبيبتي، كلما حدّثتكِ عن حبي تحدثيني عن الطعام.. أنتِ تتهربين، بالتأكيد..
الثاني:    أحدثك أنا عن الطعام لأنك المسؤول عن التموين في هذه الغرفة البائسة، وها أنت ترى أنك لا تقوم بواجباتك أبداً، لا يوجد طعام في هذه الغرفة مطلقاً.. وأنا جائع، في منتصف الليل، هل تعلم أننا في منتصف الليل.. لا يمكنني الخروج الآن، تعلم أني أخاف كثيراً، كان من الواجب عليك أن توفر لنا الطعام، ولكن ها أنت تحلم مجدداً، كما تفعل دائماً، يبدو أنني سأنتقل من هذا السكن، أنت لا تفعل شيئاً، ثم.. ليس عليك الكلام فيما أنت نائم، الحلم شيء نفعله بصمت.. بصمت، هل تفهم معنى الصمت؟
الأول:    لا أريد أن أصمت، أريد أن أقول لكِ كل ما أعرفه من كلام الحب..
الثاني:    "يركل سرير الأول بغضب" لا يعجبني أن أسمع الآن كلام الحب بينك وبين حبيبتك.. إنك شخص بذيء، ولا تعرف متى تتوقف..
الأول:    "ينهض من نومه" أووه.. ماذا تقول؟
الثاني:    "يقف أمامه" أنا جائع..
الأول:    وماذا أستطيع أن أفعل لك.. دعني أنام
الثاني:    لا تستطيع النوم فيما صديقك جائع، لا يمكنك ذلك
الأول:    لماذا؟ بلى أستطيع.. أستطيع فعلاً.. جربني
الثاني:    لا.. لن تفعل، إنهض وابحث لنا عن شيء نأكله
الأول:    لكني لستُ جائعاً.. أنا أريد أن أنام
الثاني:    ليس مهماً أن تنام الآن
الأول:    ليس مهماً أن تأكل الآن
الثاني:    بلى.. بالتأكيد هذا هو المهم..
الأول:    أنت تزعجني.. اذهب وكل بعض التراب، لا يهمني.. أريد أن أنام
الثاني:    حسناً أنت تدرك أنك تهينني، لكني مضطر أن أغفر لك..
الأول:    لماذا لا يحلو لك أن تزعج نومي إلا حين أحلم بفتاتي
الثاني:    أنت دائماً ما تحلم بها، وهذا عيب.. صدقني
الأول:    عيب؟!! لماذا هو عيب..
الثاني:    من غير المقبول أن تحلم بفتاتك وأنت تعلم أني معك في الغرفة
الأول:    ماذا تعني؟ لا يمكنني منع نفسي من الحلم بها..
الثاني:    بلى.. يجب عليك ذلك، خصوصاً وأنا هنا.. تستطيع أن تحلم بها حين أكون في العمل
الأول:    ماذا تقول.. أنت شخص غير معقول، إننا لا نستطيع أن نتحكم بأحلامنا
الثاني:    لماذا؟
الأول:    لماذا؟ لأنه هكذا
الثاني:    انظر.. أنت لا تستطيع الإجابة، لأنك تريد أن تحلم بها
الأول:    بالتأكيد أريد أن أحلم بها، لكني أيضاً لا أستطيع أن أمنع نفسي من الحلم بها
الثاني:    ولماذا.. لماذا تريد هذا؟ يجب عليك أن لا تريد ذلك حين أكون هنا، أنت تعلم أنك تحلم بصوت مرتفع، هذا الأمر يحرجني، إنني أشعر أني معكما في الغرفة ذاتها فيما أنتما..
الأول:    تستطيع الخروج حين ترانا كذلك، من التهذيب أن تفعل ذلك
الثاني:    أنت تعلم أني أخاف الخروج ليلاً
الأول:    هذا ليس مبرراً لتبقى معنا في نفس الغرفة، إنه أمر سيء هذا الذي تقوم به
الثاني:    سيء..
الأول:    أجل، أنت تعلم أني لا أراك، ولذلك أقوم بما أقوم به.. لأني ببساطة نائم، وأحلم.. ولا أستطيع أن أرى ما إذا كنت هنا.. في نفس الغرفة، وتتجسس علينا.. أنا وحبيبتي
الثاني:    أنا لا أتجسس، أنت الذي ترفع صوتك
الأول:    لا تعلمني كيف أتعامل مع حبيبتي
الثاني:    أنا لا أعلمك، تصرف معها كيف شئت حين لا أكون هنا.. أووه، أنا جائع
الأول:    أنت جائع دائماً
الثاني:    لماذا لا يوجد طعام؟
الأول:    ليس لدينا المال..
الثاني:    ماذا؟ وهل سنبقى بلا طعام طوال الأسبوع القادم؟
الأول:    لا.. غداً حين نذهب للعمل، سأستلف من بعض الأصدقاء
الثاني:    كان عليك أن تحلم ببعض المال، بدلاً من الحلم المتكرر بحبيبتك
الأول:    لا تملي عليّ أحلامي
الثاني:    لستُ أفعل، لكني لا أطيق أحلامك.. ولا أطيق شخيرك
الأول:    أنت أيضاً تشخر حين تكون نائماً، وأنا لا أطيق شخيرك، لكني أحتمله لأننا صديقان
الثاني:    أنت صديق طيب..
الأول:    أنا كذلك
الثاني:    حسناً.. هذا معناه أن لا طعام هذه الليلة، أليس كذلك؟
الأول:    أجل.. لا طعام
الثاني:    ولكني لا أستطيع النوم
الأول:    أنا أستطيع.. "ينقلب على السرير" تصبح على خير
الثاني:    هل ستتركني؟
الأول:    ماذا تريد مني أيضاً؟
الثاني:    تعلم أني لا أستطيع النوم ومعدتي خاوية
الأول:    أنا أيضاً معدتي خاوية، ولكني أستطيع النوم..
الثاني:    انهض.. لا تنم الآن
الأول:    وماذا أفعل إذاً؟
الثاني:    لا أعلم.. ولكن لا يمكنك النوم وأنت تعلم أني لا أستطيع، هذا ليس من الشهامة
الأول:    وما دخل الشهامة في الموضوع؟ أنت لا تستطيع النوم، إذهب وتمشَ في الخارج قليلاً، ربما تتعب وتستطيع النوم عندها..
الثاني:    تعلم أني أخاف الخروف في الليل
الأول:    نحن في منطقة آمنة، لا شيء سيجري لك..
الثاني:    لا أريد..
الأول:    ماذا تريد إذاً؟ (يصمتان، ثم بعد فترة يقفز الثاني متجهاً نحو الأول، ويبادره)
الثاني:    احكِ لي حلمك..
الأول:    ماذا؟ أنت تعلم أنه حلم خاص جداً، لا يمكنني أن أحكيه لك
الثاني:    إني مطلع على كل تفاصيله، لا شيء خاص بيننا أبداً..
الأول:    أنت تستغل أني أتكلم بصوت مرتفع حين أحلم.. هذا غير مقبول
الثاني:    لا أستغل شيئاً، أحياناً، حين لا أكون جائعاً.. وحين أكون مشتاقاً لأن أحب أنا الآخر.. أستمتع بأحلامك
الأول:    ماذا؟ كيف يمكنك ذلك.. إنها حبيبتي
الثاني:    أجل ولكنه حلم متاح للجميع
الأول:    متاح للجميع؟ ماذا تقول.. إنه حلم خاص
الثاني:    لا يكون خاصاً حين تعلنه أمامي.. وأنت تتحدث في نومك بلا حياء
الأول:    "بغضب" لا أعلم كيف أمكنني السكن معك طوال هذه المدة.. أنت.. أنت..
الثاني:    حسناً أنا أعتذر، لكن يجب أن تعترف أنك بلا حياء
الأول:    أنا مع حبيبتي.. لا يمكن أن أستحي من حبيبتي
الثاني:    ولا يمكنك أيضاً أن تستحي من صديقك.. هيا، احكِ لي حلمك..
الأول:    ماذا تريدني أن أحكي منه، إنه حلم.. حلمي.. ثم أنك تقول أنك تعرفه كله
الثاني:    لا أنا لا أعرفه كله.. أعرف منه الأجزاء التي تقولها أنت فقط..
الأول:    ماذا تعني، هل تريد أن.. لا يمكن أن أطلعك على الأجزاء التي تقولها هي.. دعني أنام
الثاني:    ولماذا؟
الأول:    لأنه لا يمكن.. إنها أسرار
الثاني:    حسناً لديّ فكرة
الأول:    ماذا؟
الثاني:    لا تطلعني عليها.. أنا سأتخيلها
الأول:    أجل.. تخيلها ودعني أنم
الثاني:    ليس هكذا
الأول:    إذاً كيف؟
الثاني:    ألا تريد أن تعرف كيف أتخيلها؟
الأول:    كيف تتخيلها؟
الثاني:    لن أخبرك..
الأول:    أنت تخبئ شيئاً، لا يمكنك أن تتخيلها.. إنها حلمي
الثاني:    حسناً، تريد أن تعرف كيف أتخيلها؟
الأول:    نعم.. والآن
الثاني:    إذاً دعنا نمثل حلمك.. وأنا سأكون حبيبتك
الأول:    ماذا؟ أنت.. حبيبتي.. "يضحك" لا يمكن.. لا يمكن.. حبيبتي، أنت..
الثاني:    أقصد أني سأمثل دورها..
الأول:    "يواصل الضحك" لا.. لا.. هذا غير معقول، إلهذه الدرجة أنت جائع؟
الثاني:    دعك من جوعي الآن، إنهض.. واحكِ لي حلمك.. ألا تريد أن تعرف.. سأحكي لك أنا كيف أتخيل تلك الأجزاء الغامضة من حلمك..
الأول:    "يفكر" يبدو أن عليّ مجاراتك
الثاني:    سيكون الأمر ممتعاً.. صدّقني
الأول:    حسناً ولكن سيكون لي حق الاعتراض وإنهاء الأمر متى ما أردت، لا يمكن أن أسمح لكَ بالتمادي..
الثاني:    أوافق، أعدك أني لن أتمادى.. فلنبدأ؟
الأول:    نبدأ.. مع أني لا أثق فيك..
الثاني:    هيا.. هيا، احكِ لي بداية الحلم.. لا تتأخر، فقط عليك أن تسترسل، تحدث فقط، حول كل التفاصيل، أغمض عينيك واحك لي كلّ شيء..
الأول:    أحكي.. أجل.. ياه، أنت تحرجني هكذا "يبدو أنه دخل حالة الحلم الرومانسي تماماً" حبيبتي، امممم.. إنها، أجل.. ماذا أقول؟ لا أذكر حقاً متى بدأ الحلم، أنت تعرف الأحلام.. أليس كذلك، تداهمك من حيث لا تشعر.. خصوصاً هذه النوعية من الأحلام.. أجل، أذكر حيث كنت معها في الحديقة، إنها حديقة واسعة جداً، وأنا أنتظر.. أنتظر كثيراً، أنظر للساعة وأنا أتصبب عرقاً وأنتظر.. يبدو منظري مثيراً للشفقة الآن..
"يبدآن في تمثيل المشهد"
الأول:    لماذا تأخرت هكذا؟ ليس من عادتها التأخر على مواعيدنا.. "يخرج من الحلم ويواصل شرح المشهد" بالطبع لايبدو المنظر من هنا طبيعياً.. فالأشجار لها شكل غريب.. وألوان غريبة، لابد أن تتخيل هذا أيضاً..
الثاني:    أجل.. أجل.. أنا أتخيل، صدّقني.. أنا أفعل
الأول:    "يعود إلى الحلم" هاهي.. إنها قادمة، يالقوامها.. "يتقدم الثاني في خطى متمايلة نحوه.. وكأنه الحبيبة فعلاً" ياااه.. كم هي ساحرة، أنا فعلاً محظوظ بكل هذا السحر والجمال، شعرها.. يالشعرها، يالجمال شعرها.. "يبدو عليه الارتباك تماماً" حبيبتي..
الثاني:    "يأخذ دور الحبيبة" حبيبي.. اعذرني، لم أستطع الحضور باكراً، ذهبت إلى الصالون وتأخر دوري هناك..
الأول:    لا عليك يا حبيبتي.. تستطيعين الرهان على أني لن أتحرّك من هذا المكان.. حتى لو تأخرتِ قرناً كاملاً..
الثاني:    أووه.. دائماً ما تقول كلاماً يشعرني بالإطراء، كيف تستطيع استحضار كل هذا الكلام الرائع..
الأول:    لأني أحبكِ.. أنا لا أستطيع إلا أن أقول كلاماً جميلاً حين تحضرين، إن العالم من حولي كله يبدو جميلاً.. ياه يا حبيبتي.. "يبدو وكأنه انتبه قليلاً من الحلم.. ورأى الثاني في دور الحبيبة" أنتَ بشع حقاً.. لا.. لا يمكن أن أواصل هكذا..
الثاني:    "يخرج هو الآخر من الحلم" أووه.. عليك أن تغمض عينيك، وعد مرة أخرى إلى الحلم.. عليك أن تتخيل "يعود هو إلى الحلم" ياه.. كلامك يسحرني..
الأول:    "وكأنه استسلم للموضوع وعاد هو الآخر للحلم" جمالك هو الذي يسحرني
الثاني:    يا حبيبي.. لماذا اخترت هذا المكان لموعدنا
الأول:    ألا يعجبك؟
الثاني:    بلى.. ولكن ألوان الأشجار.. لا يمكن أبداً الحصول على أشجار برتقالية كهذه، عن نفسي.. لا يعجبني اللون البرتقالي..
الأول:    "وكأنه متفاجئ" أجل.. أجل.. أنا أيضاً لا يعجبني اللون البرتقالي، كانت هذه الأشجار خضراء كالعادة في الماضي.. لا أعلم ما الذي حوّلها إلى هذا اللون..
الثاني:    أنت دائماً هكذا.. اختيارك للألوان يدلّ على.. اعذرني يا حبيبي، ولكن ذوقك هابط جداً..
الأول:    "مرتبكاً" بلى.. أعني، اختلافنا في الذوق لا يمكن أن يفسد محبتنا يا حبيبتي..
الثاني:    أجل يا عزيزي، ولكن عليك فقط أن تعترف أنك صاحب ذوق هابط
الأول:    "بتودد" صدقيني لستُ من اختار هذه الألوان.. هذه الأشجار لا تعنيني..
الثاني:    أحب الأشجار.. لا أحب ألوانها، لا أحب ذوقك الهابط
الأول:    "يحاول حرف الموضوع" أحب ألوان فستانكِ، فستانك رائع..
الثاني:    أعرف ذلك، لكنه بدأ يضيق قليلاً عليّ، هل تعتقد أن ذلك بسبب كثرة الغسيل؟
الأول:    ربما يا حبيبتي.. "ينظر باشمئزاز إلى الثاني.. وكأنه يحدثه هو لا الحبيبة" وربما يكون بسببٍ آخر
الثاني:    "تبدو منزعجة" أعلم أنك تعني شيئاً ما بكلامك هذا.. لا تكن قاسياً معي، إن هرموناتي في هذا الوقت هي التي تتحكم بي.. ولهذا أنا الآن جائعة، وأريد أن أأكل..
الأول:    كليني يا حبيبتي.. تستطيعين أن تأكليني تماماً، لن أمانع بالمرة
الثاني:    سآكلك يا حبيبي.. مثل قطعة كبيرة من الشوكولا "يهم بالاقتراب منه، فيحاول الأول الابتعاد بشيء من اللياقة"
الأول:    أوه يا حبيبتي، بالرغم من أني أحب الفتاة الممتلئة، لكن يجب عليكِ أن تفكري في تخفيف وزنك..
الثاني:    ماذا تعني؟ إن كان شكلي لا يعجبك فكان حريّ بك أن تتركني، لا أحب أن تنتقد طريقتي في الحياة
الأول:    حسناً.. حسناً.. لا تغضبي مني.. دعيني أقبلك
الثاني:    لا.. لن أسمح لك بتقبيلي أبداً، إن أنفاسك كريهة
الأول:    تعلمين أني أحبكِ.. لذلك أنت تتدللين عليّ هكذا
الثاني:    إن أنفاسك الكريهة بسبب الطعام الذي تتناوله.. عليك أن تفكر بتغيير ذلك..
الأول:    أوووه.. لا يمكن أبداً يا حبيبتي، كلما حدّثتكِ عن حبي تحدثيني عن الطعام.. أنتِ تتهربين، بالتأكيد..
الثاني:    هل يمكنك أن تصمت.. أنفاسك الكريهة.. لا أستطيع احتمالها، لا يمكن أبداً، إنها تخنقني.. أصمت، أصمت.. لا أريد أن أسمعك.. أصمت
الأول:    لا أريد أن أصمت، أريد أن أقول لكِ كل ما أعرفه من كلام الحب..
الثاني:    أووه أنت تخنقني تماماً، أنفاسك.. كلامك.. رائحتك، لا يمكنني العيش معك مطلقاً..
الأول:    لماذا يا حبيبتي.. أنا حبيبك
الثاني:    ليست هذه هي الصورة التي أريد أن تكون حياتي عليها.. ألوان الأشجار ليست كما أريد، وأنت تسخر من وزني، ثم أن أنفاسك كريهة.. لا أريد، أبداً..
الأول:    أووه.. يكفي هذا.. لقد احتملتك طوال هذه الفترة، من تحسبين نفسك..
الثاني:    لا تحدثني بهذه الطريقة
الأول:    أنت لا تحدثيني بهذه الطريقة.. أيتها السمينة
الثاني:    "تبكي" اوه.. لقد احتملت كل شيء فيك، احتملت أنفاسك الكريهة طوال هذه المدة، وكذلك شخيرك المؤذي، لقد احتملت كل خلافاتنا.. وسخريتك البغيضة من وزني.. لقد.. لقد..
الأول:    وأنا احتملتك كذلك، أنا لا أحبك.. ومع ذلك احتملتك، فتاة سمينة، وأنا لا أحب الفتيات السمينات..
الثاني:    "يزداد بكاؤها" كنت تكذب علي..
الأول:    كنت أحترم مشاعرك
الثاني:    لا تحبني..
الأول:    لكني لم أعد أستطيع الاحتمال أكثر، ثم لماذا لا يعجبكِ ذوقي؟ على العكس تماماً، إنه ذوقك هو السوقي..
الثاني:    لا تستطيع قول ذلك
الأول:    لماذا؟ إن ذوقكِ سوقي تماماً، ومبتذل، أشجار خضراء.. من يستطيع احتمال الأشجار الخضراء؟ أنظري كم تعبت لأجعل هذه الحديقة برتقالية.. لكنكِ متخلفة
الثاني:    "تنفجر بالبكاء أكثر" أيها الحقير.. أنا أكرهك، لطالما كرهتك، أيها السخيف، ذو الأنفاس الكريهة.. أيها الكاذب
الأول:    كان عليّ أن أقتلك متى ما واتتني الفرصة لذلك، لكني لم أفعل.. كنتُ إنسانياً معكِ لدرجة كبيرة، وها أنتِ أخيراً تظهرين على حقيقتك..
الثاني:    حقيقتي..؟ حقيقتي أنا؟ أنت متوحش..
الأول:    سوقية
الثاني:    كاذب
الأول:    بدينة
الثاني:    ذو الأنفاس الكريهة
الأول:    مبتذلة
الثاني:    مشخّر
الأول:    سأقتلك
الثاني:    أنا التي ستفعل..
الأول:    حاولي
الثاني:    "تهم بالاقتراب منه.. يبدأ اشتباك بالأيدي بينهما، يسقط الأول أرضاً، وتصعد فوقه محاولة خنقه" مت أيها الحقير الخائن..
الأول:    أبعدي يديكِ عني.. إنكِ تخنقيني..
الثاني:    أنت الذي يخنقني بأنفاسه الكريهة.. كان يجب أن تموت..
الأول:    "وكأنه استفاق من الحلم" أوووه اتركني.. اتركني
الثاني:    "استفاق هو الآخر من الحلم" ماهذا.. لماذا أنا فوقك؟
الأول:    إنه الحلم.. ابتعد عني
الثاني:    إنه كابوس..
الأول:    كان حلماً رومانسياً.. ما الذي حوّله إلى كابوس؟
الثاني:    لا أدري.. إنه كابوسٌ مزعج
الأول:    إنه أنت.. كنتُ متأكداً أنكَ لا تستطيع القيام بدور حبيبتي، لم أستطع احتمالك وأنت شريكي في السكن، فكيف سأحتملك وأنت.. (بامتعاض) حبيبتي..
الثاني:    عليك أن تعترف..
الأول:    أعترف؟ أعترف بماذا؟
الثاني:    إن هذه اللعبة جعلتك تبوح بأسرار عميقة في نفسك.. "يضحك" ألهذه الدرجة كنت تكرهها..
الأول:    أنا لا أكرهها.. كفى "بغضب" ماذا تقول بالضبط؟ أنا لا يمكن أن أكره حبيبتي، إنني أكرهك أنت..
الثاني:    ومع ذلك فأنت تكرهها.. السمينة، السوقية.. يا إلهي لقد وصفتها بأوصاف قبيحة جداً، كيف أمكنك فعل ذلك؟
الأول:    أووه.. كفى
الثاني:    حسناً.. لا بأس، سأصمت.. أعتذر
الأول:    لا يمكنني قبول اعتذارك الآن
الثاني:    "بتودد" صدقني إني أعتذر، لا تغضب مني..
الأول:    كيف استطعت إقناعي بهذه اللعبة السخيفة.. كيف طاوعتك وأدخلتك إلى أحلامي..
الثاني:    كنتَ تريد ذلك.. لم أكن لأستطيع ذلك وحدي "يبتسم"
الأول:    لا تبتسم.. بالرغم مما يوحي به شكلك، إلا أنك إنسان خبيث
الثاني:    لستُ كذلك، ولأظهر لك حسن نيتي، سأدخلك أنت أيضاً إلى أحلامي.. هل توافق؟
الأول:    لستُ مهتماً..
الثاني:    بلى.. أنت كذلك، لا تدّعي العكس.. "يصمتان، ينظر كل منهما للآخر، ثم يقطع الصمت" ها.. هل نبدأ؟
الأول:    لا أدري، ما أزال متردداً، لكني سأوافق.. "بلهفة" ها.. حدثني عن حلمك..
الثاني:    (تظهر عليه البهجة) أووه.. ليس حلماً تماماً، أتعرف حينما تمتزج الذاكرة بالحلم؟ فلا تعود تعرف إن كنت تحلم أم تتذكر.. (يبدو أنه انهمك في الحلم، فيما الآخر يدخل معه بالتدريج إلى الحلم الذي يبدو أنه طريق طويل يسيران فيه)
الثاني:    اسمع.. اسمع، أتعرف ما هو هذا الصوت؟
الأول:    (يستمع بإمعان) إنه صوت غراب
الثاني:    أن الطريق نحو قريتنا جميل..
الأول:    إن قريتنا أجمل القرى على هذا الطريق، لا يمكن لأحد أن ينكر هذا
الثاني:    بلى.. إطلاقاً..
الأول:    أشتاق العودة إليها
الثاني:    لابد أن أمي قد أعدّت لنا الآن حلواها الرائعة
الأول:    ليس هذا ما يجعلني أسرع
الثاني:    أعرف (صمت)
الأول:    حلواها لا تقاوم (صمت)
الثاني:    أنظر..
الأول:    ما هذا؟
الثاني:    علينا أن نسرع.. ماهذا؟
الأول:    لماذا تنمو هذه الحشائش الصفراء، وبهذا الحجم المرعب..
الثاني:    (يبدأ المطر بالهطول، وتغرق الخشبة في الدخان، يظلم المسرح ثم يشتعل بإضاءة بيضاء لثواني ثم يغرق في الظلمة مرة أخرى) إنه ساخن.. ساخن
الأول:    دعنا نختبئ..
الثاني:    أين.. يا الله، كل شيء يحترق، المطر يحرق كل شيء
الأول:    لا يمكن أن يحدث هذا، لماذا؟
الثاني:    الدخان يملأ المكان، لا أستطيع أن أراك.. أين أنت؟
الأول:    أخرجني من هذا الحلم.. إنني أحترق
الثاني:    لا أستطيع الخروج منه، إنني أحاول، لكن، أين هي قريتنا؟
الأول:    دع عنك قريتنا الآن.. أووه، (ضوء شديد، وكأن حريقاً ما اندلع فجأة) ماهذا أيضاً؟ سنحترق، سنموت هنا في هذا الحلم البائس، أخرجني من هنا.. ليس هذا حلماً، إنه مصيدة، فخ..
الثاني:    ليس كذلك.. كان الطريق إلى القرية، كان الطريق..
الأول:    أطرق أبواب حلمك، أخرجنا من هنا، لا أريد أن أموت بهذه الطريقة.. يا إلهي.. لا أرى، لم أعد أرى، لقد عميت.. عميت تماماً..
الثاني:    لا أستطيع الحركة، إنني لا أتحرك.. لقد علقت رجلاي بهذه الحشائش البغيضة، لقد وقعت، هنا قرب الصخرة الكبيرة، ألا تراني.. إنني هنا.. هيه.. أين أنت؟ اصرخ لكي أسمعك.. أين أنت؟ لماذا لا تتكلم.. لماذا صمتت.. (صمت طويل.. ينقشع بعده كل شيء بهدوء)
الأول:    (يتحرك وكأنه لم يعي بعد إن كان قد خرج من الحلم أم لا.. يتحسس الخشبة وكأنه في مكان غريب لم يعرفه..) أين أنا؟
الثاني:    (يتحرك هو الآخر في نفس الوقت الذي يتحرك فيه الأول، لكنه أكثر ثقة، يردد الجملة ذاتها ولكن بطريقة إجابة استنكارية على السؤال) أين أنا؟ (يلاحظ أن حوارهما يقولانه في ذات الوقت، وكذلك يحدث هذا في كل الحوارات التالية، يتقابلان)
الأول:    (ينظر للثاني.. يحرك جسده بطريقة يحاول التأكد فيها إن كان من يقابله هو ذاته في المرآة، ويتحرك الآخر بذات الطريقة) من أنت؟
الثاني:    من أنت؟
الأول:    (يتراجع.. ويتراجع معه الآخر.. يدوران حول بعضهما مكررين ذات الحركة) من أنا؟.. هل أنت أنا؟
الثاني:    من أنا؟.. هل أنت أنا؟
الأول:    هل أنت مرآة؟
الثاني:    هل أنت مرآة؟
الأول:    لستُ مرآة.. لكني أشبهها
الثاني:    لستُ مرآة.. (يصمت عن قول الجملة الأخيرة)
الأول:    لكني أشبهها.. (يقولها لوحده)
الثاني:    لستُ مرآة (يقولها لوحده، ثم يتوقف عن الحراك تماماً) 
الأول:    (دور حوله.. يلمسه) أنت تمثال..
الثاني:    تمثالك.. صورتك، لستُ مرآة
الأول:    (يحاول سحبه من يده) لستَ صورتي..
الثاني:    (يعاود محاكاة حركة الأول.. ولكنه يتأخر عنه في ترديد الجمل) لستَ صورتي..
الأول:    من أنت إذاً؟
الثاني:    من.. أنت
الأول:    إذاً
الثاني:    صورتك
الأول:    لستَ صورتي، (يتحركان بشكل عدائي، يحاول كل منهما دفع الآخر، يتعاركان في شكل راقص)
الثاني:    سأكسرك، لأكونك
الأول:    سأكسرك.. لأخرج عنك
الثاني:    من أنت؟
الأول:    أنا المرآة..
الثاني:    لستُ المرآة.. أنا التمثال
الأول:    قطعة قطعة.. سأكسرك
الثاني:    ستنكسر معي.. أنت أنا (يواصلان الحوار السابق فيما تسمع أصوات انكسار زجاج، وانكسار حجارة.. وينهاران على بعضهما في النهاية..)
            (صمت)
الثاني:    (ينهض.. يوقظ الأول) استيقظ.. استيقظ، حلم من كان هذا.. لم أفهم منه شيئاً؟
الأول:    (ينهض) كيف دخل هذا الحلم علينا؟ ليس حلمي
الثاني:    ولم يكن حلمي أيضاً..
الأول:    (ينظر للثاني بتوجس) هل أنت متأكد؟ عليّ أن أصدّقك..
الثاني:    بالتأكيد.. لم يكن حلمي بالمرة، سأحاول مرة أخرى..
الأول:    لن أكون عنيداً، سأتيح لك الفرصة هذه المرة أيضاً.. حاول أن تركز أكثر.. بشكل أوضح.. هيا

الثاني:    قبل أن أستيقظ من شدّة الجوع.. كنتُ أحلم أنني.. لن تصدّق هذا الحلم، لكني كنتُ أحلم أني طيار
الأول:    طيار؟
الثاني:    أجل.. داخل الطائرة، وأحلّق في الأعالي.. كل شيء كان يبدو صغيراً في الأسفل.. أووه، لو ترى تلك القرى التي أراها الآن.. جميلة وتملؤها الرطوبة والدخان، ألوانها الترابية المشرّبة بخضرة نقية..
الأول:    بلى.. إني أراها الآن.. جميلة فعلاً أيها "الكابتن"
الثاني:    "يبدو وكأنه دخل إلى الحلم فعلاً، يتخذ وضعية قائد الطائرة، ويجلس الأول إلى جانبه" يا صديقي.. لم أحظ أبداً بمساعد طيار مثلك..
الأول:    يشرفني أن يقول عني هذا أحد أهم طياري العالم وأكثرهم خبرة..
الثاني:    "يبتسم بفخر" يجب أن نهتم بالركاب.. إننا في شركة طيران محترمة، والعناية بالركاب أحد أهم أولوياتنا..
الأول:    بلى.. هو فعلاً كذلك.. لكن المضيفات كسولات في هذه الشركة..
الثاني:    لا تتذمر.. إنهن جميلات أيضاً
الأول:    أجل.. إنهن كذلك "يضحكان"
الثاني:     أووه، يا إلهي.. هنالك مطبات جوية.. "يبدو وكأن الطائرة تهتزّ بهما" لا تخف.. إني أسيطر على الوضع.. لا يبدو الوضع خطيراً إلى هذه الدرجة، أنت تعلم أني أستطيع السيطرة على هذا الأمر..
الأول:    أجل بالتأكيد، أثق بك يا كابتن
الثاني:    نعم.. يمكنك ذلك "يبدو وكأنه يفقد السيطرة على الطائرة" أووه، يا إلهي.. إنها تهتزّ تماماً
الأول:    كثيراً أجل..
الثاني:    إني خائف..
الأول:    أنا أيضاً
الثاني:    "بارتباك" ماذا أفعل الآن؟
الأول:    ماذا تعني.. أنت هو الكابتن.. يا إلهي، كنت أعرف أني لا أستطيع الوثوق بك..
الثاني:    إني خائف.. وأنت تزيدني توتراً
الأول:    إخرس.. وابحث لنا عن حل، كان يجب أن لا يتركوا مثلك يقود طائرة
الثاني:    "يبدأ في البكاء" أووه.. أنزلوني من هنا، لا أستطيع قيادة هذه الطائرة
الأول:    بل لا تستطيع قيادة أي طائرة بالمطلق
الثاني:    "يواصل البكاء" أنت لا تساعدني هنا..
الأول:    ماذا تريدني أن أفعل؟ "يزداد تحرك الطائرة" إنها تهوي.. إنها تهوي.. إفعل شيئاً
الثاني:    لا أستطيع فعل شيء..
الأول:    لا أريد أن أموت الآن.. أوقف هذا الشيء
الثاني:    لم أتمن يوماً أن أموت معك.. إنك شخص بغيض حقاً، لا أريد أن أموت معك
الأول:    وهل تعتقد أني رغب في مثل هذا؟ أنزلني من هنا.. لا أريد أن أموت
الثاني:    إنها تهوي..
الأول:    تسقط.. أنقذوني.. "يسقطان سوياً.. فيما يشبه التحطم المخيف، بعد ثوانٍ ينهضان معاً، ينظر كل منهما للآخر بذهول، وفجأة ينفجر "الأول" في وجه "الثاني" بغضب" ماهذا الحلم الأحمق، كان يمكن أن لا ننهض مطلقاً.. لا أعلم كيف يمكن أن يتركوا مثلك يحلم؟
الثاني:    "ما يزال في حالة الخوف" لقد نجونا.. لقد نجونا.. ألا ترى؟ إننا أحياء.. لقد نجونا من تحطم طائرة؟ يجب أن تفرح بهذا..
الأول:    ما كان يجب أن أركب معك هذا الحلم.. أشعر أني بللت سروالي
الثاني:    "ينظر للسروال" لا لم تفعل.. هذا جيد
الأول:    أنت وأحلامك البغيضة..
الثاني:    لا تتصرف معي على هذا النحو، لقد أخذ الحلم مجرى مختلفاً معك، لأنكَ لم تكن نقيّ السريرة معي..
الأول:    ماذا تعني؟
الثاني:    كنت تتمنى أن أسقط.. أنت لا تتمنى لي النجاح مطلقاً، لقد شعرت بالغيرة، لأنك وجدتني طياراً مشهوراً
الأول:    "يضحك بسخرية" أها.. لهذا السبب إذاً
الثاني:    لكني أغفر لك..
الأول:    "يضحك أكثر" وتغفر لي أيضاً.. إنك طيب القلب حقاً
الثاني:    أنت أفشلت هذا الحلم..
الأول:    أنظر.. إننا مختلفان تماماً، لا يمكن أن ينجح الأمر مطلقاً، إننا نفكر بطريقتين مختلفتين، وهذا يعوقنا عن التواصل خلال الحلم.. هذه التجربة مقدّر لها الفشل..
الثاني:    مع هذا.. لنجرب مرة أخرى، ربما نستطيع هذه المرة، اختر حلماً من أحلامك أنت
الأول:    ولكن عليك الانسياق وراء حلمي.. لا يمكن أن ينجح الأمر فيما أنت تريد أن تجرّ الحلم ناحيتك
الثاني:    أجل.. بالتأكيد، سأفعل
الأول:    اممم.. حسناً،  لطالما حلمت بأنني.. وكأنني تائهٌ في أحد الوديان.. حيث المكان يمتلئ بالحشائش والأشجار العالية، ثم فجأة أجد نفسي أمام نهرٍ صغير، به منجم للذهب، ياااه.. "يبدأ بالتخيل وكأنه وجد الذهب، وبدأ يخبئ بعض الذهب في جيوبه"
الثاني:    "وكأنه دخل معه إلى الحلم" ماذا تفعل هنا؟
الأول:    "مرتبكاً" ماذا؟ لا شيء.. هذا الذهب.. أعني، إنني مررت من هنا..
الثاني:    ياه.. "يستخدم البرقية" حوّل.. حولّ، من 212 إلى القيادة العامة.. بلى، وجدنا هنا أحد اللصوص، بلى.. إنها حالة سطو على منجم الذهب القريب من..
الأول:    لا.. لستُ كذلك، هيه.. لقد فقط مررت من، لا.. لستُ لصاً
الثاني:    "يعتقله ويبطحه أرضاً، ويفتش جيوبه" وما هذا الذي خبأته في جيوبك؟ حلوى؟ أيها اللص
الأول:    إنني فقط.. لقد وجدته هنا، ثم إنه ملقى على الأرض، ولا أحد هنا.. ويبدو هذا المنجم مهجوراً
الثاني:    وإن كان.. هل تعودت سرقة كل ما هو مهجور؟
الأول:    لا.. لا.. لا.. لستُ لصاً
الثاني:    ماذا أنت إذاً..
الأول:    هذا المكان مهجور..
الثاني:    بلى هو كذلك، وهذا لا يعطيك الحق في سرقته
الأول:    لا يوجد أحد مطلقاً سوانا..
الثاني:    وهذا أيضاً لا يبرر فعلتك
الأول:    أنا وأنت..
الثاني:    ماذا تعني؟
الأول:    دعنا نقتسم الذهب.. وتستطيع إبلاغ القيادة أنني أفلت منك
الثاني:    أنا لستُ لصاً
الأول:    لستَ كذلك، أنا هو اللص..
الثاني:    ها أنت تعترف
الأول:    أفلتني الآن.. ودعنا نتحدث
الثاني:    في ماذا؟ قلتُ لك أني لستُ لصاً
الأول:    لكنه الذهب..
الثاني:    "يفلته.. قليلاً" أووه.. ماذا تعني؟
الأول:    "ينهض" أعني.. أنه الذهب، حلم الناس جميعاً، أنت تحرسه طوال هذه المدة، ولكن هذه فرصتك الحقيقية ليكون ملكك، ليكون لك..
الثاني:    أنا
الأول:    أجل أنت..
الثاني:    الذهب
الأول:    هاه.. لا يجب أن تفكر كثيراً، نقتسم الذهب، وأستطيع أنا إيصال نصيبك لك أينما أردت.. وبعد أن تفرغ من كل شيء نلتقي لأعطيك نصيبك.. ستكون ثرياً، أعرف أنك ستكون ثرياً مهيباً، هذا يبدو واضحاً من جسدك الضخم.. سيحترمك الجميع، وستحظى بكثير من الفتيات اللواتي يرفضنك الآن.. ها
الثاني:    أنا؟ ثري؟
الأول:    لا تخش شيئاً.. سيكون كل شيء مرتباً بطريقة لن تجعلهم يشكوا في شيء، أووه.. هيا أيها الثري، ستدخن سيجارك الأول وأنت تستحم في حوضك الذهبي الجميل.. ومعك.. (يضحك..)
الثاني:    أنا؟ أوووه.. أجل أنا، لطالما حلمت، أعني أنني.. "يبدو فرحاً جداً" سأكون ثرياً تماماً.. سأكون ثرياً، وسأتبطر على كل الناس، سأترفع على الجميع، سأحتقرهم كلهم.. أجل، سأنتهر صاحب البناية القبيح الذي يطالبني بالإيجار ما إن يراني، سأشتري بنايته منه، وسأهدّها عليه..
الأول:    أجل بالتأكيد
الثاني:    حسناً، ماذا نفعل الآن؟
الأول:    دعنا نعبئ الذهب كله في هذه الأكياس.. بسرعة، و.. سآخذ سيارتك أيضاً، فأنا أحتاجها من أجل نقل هذه الأكياس.. (يلتفت إليه) دعنا نحبك المسألة جيداً، يجب أن أضربك أيضاً، ليبدو الأمر وكأنني اعتديت عليك وسرقتك وهربت.. جميل، "يبدآن في تعبئة الأكياس بالذهب"
الثاني:    هيا.. هيا.. اضربني على رأسي..
الأول:    "يأخذ حجراً ويضربه على رأسه"
الثاني:    آه.. كانت هذه ضربة قوية، آه.. لقد سال الدم.. انظر
الأول:    أعطني مفاتيح سيارتك
الثاني:    "يناوله المفاتيح، وينطلق الأول مسرعاً.."
الثاني:    ولكنه لم يقل لي أين سنلتقي.. آه، يا إلهي.. إني أنزف الكثير من الدم.. "يبدو وكأنه انتبه" لقد سرقني الملعون.. هيه.. أنت، تعال إلى هنا.. آه.. إنه دم كثير، ابن الكلب، لقد سرق السيارة، ماذا أفعل الآن؟ هيه.. "يجري في كل الاتجاهات" انقذوني.. هيه.. أنقذوني.. "يستيقظ من الحلم مفزوعاً".. اووه لقد كان "يتأكد من رأسه" لا يوجد دم.. لقد كان حلماً سيئاً "ينظر إلى الأول الذي يقف مبتسماً" ماذا فعلت؟
الأول:    ماذا فعلت؟ إنه مجرد حلم..
الثاني:    ليس كذلك، قلتَ لي أن أسايرك في الحلم، غير أنك أوقعتني في مأزق، ماذا لو لم أستطع الاستفاقة، كيف كنت سأنجو؟
الأول:    كنت ستجد حلاً
الثاني:    أنت أناني حقاً، كيف أمكنك أن تتركني هناك وحيداً، ومن دون سيارة؟
الأول:    أووه.. لا تتذمر الآن، كان مجرد حلم
الثاني:    لقد سايرتك في حلمك، وانظر ماذا حدث..
الأول:    ماذا حدث، لم يحدث شيء مطلقاً، هذه هي طبيعة الأحلام، إنها تمثل عمق ذواتنا، أنانيتنا، وحشيتنا، هذا هو الأمر الطبيعي.. ماذا كنت تريد، أن أحلم بأنني أقتسم معك المال؟ لن يكون ساعتها حلماً، أنظر.. أنا في الواقع أختلف تماماً، قد أقدّم لك في الواقع بعض التنازلات، قد أمنحك شيئاً من العطف، بحكم أننا نقيم في الغرفة ذاتها، لكن عليك أن تدرك هذه الحقيقة.. نحن مختلفان تماماً، وأحلامنا هي التي توضح مدى اختلافنا.. "بتملل" لنأخذ حلماً آخر.. لك هذه المرة
الثاني:    أجل لي.. وعليك هذه المرة أن تتبعني في حلمي.. تنازل ولو لمرة واحدة
الأول:    أجل.. سأفعل
الثاني:    حسناً.. حلمي هذا.. إنه غريب بعض الشيء.. أعني.. أنني.. لا أستطيع أن.. هل هو مفهوم.. لا شيء.. السقوط.. "يعوي مثل الذئاب، ثم فجأة وكأنه تحول إلى أحد رجال الكهوف، ويبدأ في البحث عن شيء ما.."
الأول:    "وكأنه يراقبه من بعيد، يختبيء خلف أحد الصخور"
الثاني:    "منهمك في البحث.. يطلق بعض الهمهمات للتعبير عن حيرته، وكأنه يبحث عن شيء ضائع، توحي حركته أنه في غابة، حيث يحاول أن يتجنب بعض الأشجار لدى محاولته في البحث، وبين الحين والآخر، يطلق بعض الصرخات.
            فجأة وكأن وحشاً ما ظهر له فجأة، يهرب منه بعيداً، يقع وينهض بسرعة، يلتف على الوحش، ويكمن في أحدى الأكمات بينما يراقب الوحش وهو يركض بعيداً، ينزل بعد ذلك بهدوء.. ليصرخ على الوحش الذي ابتعد كثيراً فيما يبدو، تبدو صيحاته غريبة حيث تدّل على أنه انتصر على الوحش الكبير، يعود للبحث عما فقده.
            ينزل قليلاً للأسفل، يشرب من أحد جداول الماء، وفي هذه الأثناء يتجه نحوه الأول الذي كان يراقب الوضع نحوه بهدوء، يقترب حاملاً عصا طويلة وكأنها رمح بدائي، مهدداً إياه بها، يلتفت إليه"
الأول:    "يصرخ عليه بكلمات غير مفهومة طالباً منه التوقف عن شرب الماء والوقوف"
الثاني:    "بحذر وخوف.. ينهض من مكانه محاولاً التوسل للأول بكلمات (غير مفهومة أيضاً) ومحاولاً شرح الأمر الذي جاء به إلى هنا"
الأول:    "غير مكترث.. يخبره أن هذه المنطقة هي أرضه الخاصة، ولا يجوز لأحد الاقتراب منها، إنها منطقة صيده، وقد دخل إليها متسللاً، مهدداً إياه بالعقاب"
الثاني:    "يقع في الجدول، حينما كان يتراجع خوفاً، فجأة يظهر صوت الوحش من جديد، ينتبه الثاني له، فيما الأول ما يزال يتوعد ويهدد، يصرخ به الأول محاولاً إسكاته، ولا فائدة من ذلك، فهو فيما يبدو لا يسمع جيداً، ولم يسمع صوت الوحش، ينهض الثاني من الماء بسرعة خاطفة.. يضع يده على فم الأول، ويسحب منه الرمح، يحاول الأول التملص منه ولا يستطيع، يشرح له بالإشارة وجود الوحش.. يصمتان فجأة، وبعدها يتحركان فجأة أيضاً هرباً من الوحش، فيما يصدران أصواتاً تعبّر عن الخوف والهلع، يبتعدان عن بعضهما، يلتف الأول حاملاً الرمح مختبئاً في إحدى الأكمات، فيما يحاول الثاني استدراج الوحش بالصراخ وإثارة الجلبة، يهرب مسرعاً وكأنما الوحش يلاحقه، فينقض الأول بالرمح على الوحش، يطعنه عدة طعنات، ويعود الثاني نحو الوحش.
            يصدران سوياً صرخات تعبّر عن فرحهما بقتل الوحش، يحتضنان بعضهما، ويبدأ كل منهما في لمس الآخر.. والتعرف عليه.."
الأول:    "يتحسس وجه الثاني باستغراب، ثم يبدأ في تحسس وجهه، ويصرخ بكلمات غير مفهومة، لكنها تشير إلى شعوره بمدى التشابه فيما بينهما" جهي.. جهك.. بابهان (وجهي ووجهك يتشابهان)
الثاني:    "يوافقه الرأي، ويبدأ هو الآخر في تحسس جسد الأول، يديه، صدره، أقدامه، شعره.. يبدو الكلام الذي يصدرانه أقرب إلى الكلام المفهوم شيئاً فشيئاً" ياك.. رك.. سعار.. أتا إللي.. (يداك، صدرك.. شعرك، أنت مثلي تماماً)
الأول:    أنتَ.. مللي.. (أنت مثلي)
الثاني:    أنت مثلي..
الأول:    كم نحنُ متشابهان.. (يبدو أنهما خرجا من الحلم، لكن ليس تماماً.. إنهما يخرجان شيئاً فشيئاً من الحلم في الحوار التالي) كيف لم ندرك هذا أبداً؟
الثاني:    يداكَ، صدرك، شعرك، ياه.. أنت تشبهني تماماً
الأول:    أرأيت كيف قتلنا الوحش.. إننا نفكر بالطريقة ذاتها لدى شعورنا بالخطر، شيء ما يقرّبنا من بعضنا، لا أقول لك ما أريد، ولا تفعل أنت، غير أننا نقدر أن نفهم بعضنا بسهولة (يواصل أحدهما لمس رأس الآخر..)
الثاني:    والحلم؟ ألم تقل أن الحلم هو ما يوضح مدى اختلافنا؟
الأول:    ربما يكون التشابه الذي بيننا هو ما يعمينا عن رؤية مدى شبهنا، كأنما ينظر أحدنا للمرآة ولا يريد أن يتكرر، غير أن هذه هي الحقيقة.. أنا وأنت متشابهان، بالرغم من كل اختلافاتنا، بالرغم من كونك أقل ذكاءً مني، بالرغم من كوني أكثر تحضّراً منك..
الثاني:    ماذا تعني؟
الأول:    لا شيء.. أنا فقط أراقب الحالة التي وصلنا إليها، من كان يمكن أن يقول أني سأعترف يوماً بأنك تشبهني؟ لكني أقولها الآن.. بكل جرأة، بكل تجرّد.. أيها النقيض في هذه الغرفة القديمة.. أنت تشبهني..
الثاني:    أجل.. أنا أشبهك
الأول:    أنت تشبهني.. لنا وجه واحد، يدان قادرتان على إمساك الرمح.. قادرتان أيضاً على لمس الآخرين، قدمان سريعتان في الهرب.. ومرنتان في الرقص.. (يرقصان)
الثاني:    أشبهك.. تشبهني
الأول:    أنا أفهمك.. أفهم ما تقوله تماماً، ما تفكر فيه.. وهذا لا يزعجني
الثاني:    (يتوقف فجأة عن الرقص) ماذا تعني؟ (بغضب) أنا أفهمك تماماً.. ماذا تعني من قولك هذا؟
الأول:    (بحذر) لا أعني شيئاً.. أنا فقط أقول لك أنني أفهمك
الثاني:    (يتجه نحوه.. ممسكأ الرمح الوهمي، يضعه على صدره) لا.. أنت لا تستطيع أن تفهمني أبداً، لن تستطيع ذلك.. أنا فقط الذي أفهم ما ترمي إليه،
الأول:    لا تفعل.. أرجوك
الثاني:    ومن الذي سيمنعني؟
الأول:    إننا متشابهان.. أنا.. أنت
الثاني:    لسنا كذلك.. أنت أنت.. وأنا أنا..
الأول:    (يحاول التخلص من الرمح..) بلى.. ولكن
الثاني:    (يعاود وضع الرمح على صدره.. فيما يحاول الأول التخلص ثم الهروب، لكنه يعاجله بإطلاق الرمح عليه.. يقعان سوياً..)  
 (إظلام)








ليست هناك تعليقات: