* المرض كذلك يعطيك الشعور بالغياب، أنت تشعر بالضياع اللازم من أجل أن تشعر بالخفة والتحرر، فيما يخص مرض مثل الإنفلونزا، لن تشعر بالخوف من الموت، الغياب هنا جزئي، وأنت مطمئن أنه سيبقى جزئياً، يوم أو اثين وتشعر بالتحسن، لكن خلال ذلك عليك اختبار هذا الغياب الغريب للتفاصيل، كل شيء ناقص، لكنه نقصان التجريد وليس نقصان التعمية، الصورة لا تهلكك بالتفاصيل، إنها تمنحك ما هو مهم فقط، لتستطيع مواصلة الحياة دون اهتمام بما ليس ضرورياً، هكذا تشعر بالمساحات الفارغة في حياتك، هكذا بعد ذلك تستطيع ملئها أو اكتشاف نقصانها. لا أعلم كيف يستطيع العقل أن يفعل ذلك، هو يعيد رسم الكون من جديد، ليس كشكل أو صورة فقط، بل حتى الشخوص والمفاهيم، حين تكون مريضاً، محموماً أو مقترباً من الحمى، ترى في الأشخاص صفات بعينها، ترى في الأشياء احتياجك لها، ترى في المفاهيم ما هو واضح الربط بينها وبين سواها، كل ما لا تستطيع تفسيره يتلاشى، ويندمج فيما سواه، العقل حين يفعل ذلك يحاول أن يختزل قواه، أن لا يستهلك طاقتك فيما لا يغنيك.
* المسرح قادر على جعل كل شيء حكاية، وكل حكاية شيء.
* القيد شرط الفن، يحتاج الفن دائماً إلى قيد يكسره، لذا فهو كلما كسر قيداً، قيد نفسه بسواه، من أجل أن يكسره... وهكذا. (لا أعلم من يمكن أن يكون قد قال هذا).
* على الجثة أن تكون حاضرة طوال العرض. يمكن أيضاً أن تكشف عن نفسها، وأن تساهم في (العرض) كعرض، وليس كحكاية، كأن تقوم الجثة من ضريحها، وتناول الممثلين بعض الاكسسوارات، هذا سيكسر العلاقة بين المتلقي والعرض، وسيخلق ارباك في مستويات العرض، فهناك العرض نفسه حيث الممثلون يؤدون أدوارهم، وهناك الموسيقى والموسيقيون الذين سيؤدون أدوارهم خارج سياق النص والحكاية، وهناك خيال الجمهور، لكن كذلك هناك هذه الشخصية الغائبة الحاضرة التي تكسر الصدق. علينا أن لا نكون صادقين تماماً، لكي نترك مجالاً للتأويل، أو التجريد، لكي يصبح الحدث قابلاً لأن يكون رمزاً، وليس حكاية، مفهوماً وليس شخصية. لكن عبر مستويات في العرض، أي خلق طبقات في العرض، كل طبقة أقل تجريداً وأميل للتفاصيل. تنتهي بالرمز الكبير، وتبتدي بالحكاية بكل تفاصيلها، تنتهي بالمقولة وتبتدي بالتسلية. نحن هنا نخلق عدة مسرحيات في نص واحد.
* من السهل طرح الأسئلة للتحفيز، لكن إيجاد أجوبة على ذلك أمر في غاية الصعوبة، قد يكون في ذهنك أمر ما، تحاول أن توصل الممثل إليه عبر كل هذه الأسئلة، لكن يجب أن أحذر كذلك، ففي الغالب لن يعمل عقل الممثل كما يعمل عقلك، النتيجة التي سيوصله إليها عقلك مختلفة، لن ترضيك، لكن هنا، هل عليك المبالغة في طرح أسئلة أخرى؟ أم الاقتناع بالصورة التي وصل إليها؟ أو اتخاذ الطريق الأسهل، كأن تقول له بالصورة التي في مخيلتك.
* عموماً التمثيل عمل سحري، إذ هو بين الصدق والمهارة ومع ذلك هو مكشوف في صدقه وفي مهارته، المهارات باتت تُعلّم، الإيماءات، التناقضات، مستويات الصوت، لكن تغليف كل ذلك بمستوى جيد من الصدق ذلك هو الاختبار الحقيقي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق