- لماذا تشعر بكل هذا اليأس؟
- إنها الجدران.
- هل تخاف الجدران؟
- لا، لا أدري، لكن يخيفني أني لا أعرف ما وراءها.
- ولهذا تشعر باليأس؟
- أحياناً أستغرق في التفكير، كم عليّ أن أقضي من الوقت وأنا أهدم مثل هذه الجدران؟
- تريد أن تهدمها؟
- ليس تماماً، أريدها أن تكون شفافة.
- ساعتها سترى ما وراءها، لكنك لن تنفذ منها.
- حسناً، ساعتها سأعرف أي الجدران عليّ أن أهدم.
- كيف تهدم جداراً لا يُرى؟
- لا أدري، أعتقد أن إرزبة كبيرة ستكفي.
- أعني، كيف ستتأكد من أنك تهدم جدار لا تراه؟ كيف ستتأكد من وقوعه، من ضربك إياه أساساً.
- سأصطدم به..
- وبعدها؟
- سأهدم ما أصطدم به، وعندها، سأحاول المرور مرة أخرى، فإن نفذت منه أكون قد هدمته.
- ربما يكون جداراً من فولاذ، ربما لا تستطيع هدمه. وربما هناك قسم منه فقط مبني بالآجر، هو الوحيد الذي تستطيع هدمه بإرزبتك. لكن كيف ستعرفه والجدار لا يُرى؟
- ....
- ....
- هل علينا أن نكون أسرى المفاجأة إذن؟ أن نهدم ما لا نعرف إلى أين يفضي، وأن نتسوّر ما لا معرفة حقيقة لنا بما خلفه؟
- ما الذي يخيفك حقاً؟
- ما الذي يمكن أن يخيفني؟
- جهلك؟
- هل لهذا أنا يائس؟
- لا، أنت يائس ليس بسبب جهلك، أنت يائس بسبب معرفتك.
- كيف؟
- أنت لا تثق إلا بما تعرف، وهذا هو جدارك.
- هل عليّ أن أثق بما لا أعرف؟
- لا، عليك أن تتخيل ما خلف الجدار.
- أتخيل؟
- أجل، هكذا.. تجمع بين ما ترى، وما تشعر، بين قبضة الواقع ورفة الحلم. إنك حزين ويائس، وكلما حاولت أن تُشعر نفسك بالفرح والتفاؤل، ازددت حزناً، ازددت يأساً، لأنك ترفض أن تتخيل، أن تحلم، تخاف الجدران، وتخشى حتى أن تخربش عليها.
- هل أنتَ جدار؟
- أنا مرآة.
- هل أنت خيال؟
- أنت حقيقي، وأنا خيالك، لكنني أيضاً حقيقي لأني جزء منك، رغم أني خيال.
- وهذه الجدران؟
- حقيقية أيضاً.
- وما وراءها؟
- ما وراءها يمكن أن يكون حقيقياً، ويمكن أن يكون خيالاً، طالما أنت لم تعرفه بعد.
- إذن؟
- إذن، اختر جدارك، اختر ما وراءه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق