دعتاني، وقد كانتا تقفان على النهرِ.
هل جئتَ؟
قلتُ: (بلى، مثلما تعرفانِ).
- لنا لا تُطِل نظراً أيها المارُّ إن كنتَ لا تستطيع.
- ولكنني -عنكما أتغافلُ؟- لا أستطيع.
رمتا في طريقي كلاماً عن الماءِ،
لم أتعثّر به، وغرقتُ كما شاءتا.
قالتا: هل عرفتَ عن العشق شيئاً؟
تلعثمتُ، (إنكما تعرفاني) أجبتُ، ولم أتفوّه بما قلتُ.
(فلتسترح ها هنا)، دعتاني لأجلسَ
حدّقتا في دخانٍ يكادُ يضيء بصمتي.
(لم تعرف العشق، لكن عرفتَ الطريق إليه
أجاءكَ أو جئته لا يهم، وها أنتَ
كالموج تأتي وتذهب، تضربُ ثم تفرُّ
وتلمسُ ثم تغادرُ، تحنو وتشفق،
تُدرِكُ ثم تغيبُ، وما مسّ قلبك إلا هوانا).
وأغمضتا، حين أبصرتا ما تلألأ ما بين عينيّ
ينقصك القول يا عاشقُ، القولُ
أن تدع الكلماتِ على النهرِ، كالمتناسي، وهنّ سيحيين
أن تلمس الجُملَة الطينَ كي يتخلّقَ منها بكفيكَ حباً
وأن تبعثَ الأنبياء على شفةٍ، مثل ربٍّ عجولٍ
ليدعو إليكَ
ينقصك القولُ يا عاشقُ
القولُ
ألّا تدعها تحدّق للخلف وهي تودّعك، القولُ
ألّا تظنّ بها، وتفكّرَ عنها، وتصمتَ عنها،
وأن تسألَ الأسئلة.
قالتا، ولمحتُ ابتسامة
أو كأن من النهرِ فاضَ الكثيرُ من الماءِ
أو لكأن الدخان الذي خلف صمتي
رفّ وطارَ وصار أمامه
أو كأن بعينيك إذ دعتاني
وقد كانتا تقفان على نهرٍ أتخيله
لمع الضوء، مثل علامة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق